أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» الأمم المتحدة وحتمية العودة للميثاق

انتهت أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى استمرت فى الفترة مابين 13 _27 من سبتمبر الجارى، وكالعادة شهدت قاعات المؤسسة الدولية الأبرز، نقاشات ملحة وعاجلة بشأن القضايا الدولية والإقليمية، وركزت على التنمية المستدامة وحقوق الأقليات وغيرها من المباحثات العاجلة، ذلك بمشاركة الوفود وعلى أرفع المستويات، من أكثر من 190 دولة.

وفى ظل التغيرات ومستجداتها، كثرت السيناريوهات حول النظام العالمى الجديد وتكويناته، وربما القادم نتيجة لتفاعلات عدة ، أبرزها الأزمات المعقدة، ولا أعقد من الصراع الروسي_ الأوكرانى، سيما عقب تهديد بوتين بالسلاح النووى، وعمليات التعبئة الواسعة التى يجريها، وإجراء الاستفتاءات على أكثر من 4 مدن أوكرانية من أجل الانضمام لروسيا ونجاحها بنسب ملفتة، وسط معارضة قوية من قبل الولايات المتحدة والغرب، أضف أيضا الأزمة الصينية_ التايوانية والتى اندلعت على إثر احتكاك من قبل أمريكا ومن ثم استعدادات ومناورات من قبل الجانبين، تنذر بمخاوف حقيقية، إلى جانب بزوغ قوى وتراجع اخرى، إنشاء تحالفات، وظهور تفككات لم تكن، وجميعها أيضا ساهمت فى تشكيل هذا النظام الجديد، وحسبما دعت معظم الخطابات أمام الجمعية العمومية، إلى نظام عالمى متعدد الأقطاب.

ولعل السؤال المُلح والمتكرر، فى ظل الانعقاد السنوى للأمم المتحدة، هل استعدت المنظمة الدولية الأهم والأبرز؟! فى مواجهة كل هذه المستجدات والتكيف معها، إن لم يكن ضرورة تطويعها ومجرياتها، فالتغيرات والتحولات التى يشهدها العالم، بحاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم بما يواكب كل هذه التغيرات، وطالما اندلعت المطالبات من أجل ميثاق قوى يحكم عمل هذه المنظمة، بعيدا عن التقارير والمشروعات المتهالكة.

وبالرغم من ثمة تحديات تقليدية تواجه عمل المنظمة الدولية، إلا أن التحديات الحقيقية وربما الكفيلة بتراجعها تكمن فى السيطرة والتوجيه مع تسيس المواقف من قبل الأعضاء الدائمين، أضف عدم التمثيل العادل لكافة القوى، أو حتى مراعاة اعتبارات تأثير العوامل الجغرافية والسياسية، وجميعها مثلت معرقلات حقيقية طالما نالت من إيجابية وفعالية الأمم المتحدة، حتى دعوات الإصلاح والتى خرجت من الكبار، لم تخل من تصفية الحسابات، وأقربها دعوة بايدن، وقبيل انعقاد الجمعية، وبالرغم مما يؤخذ عليها كونها قادمة فى توقيت مشتعل، كما أرادات أمريكا من خلالها الاحتكاك بروسيا، حسبما برز فى الأمر، إلا إنها سجلت مجموعة من الأهداف جاءت على لسان ليندا توماس سفيرة البلاد لدى الأمم المتحدة، لو خلصت النوايا وطبقت هذه الأهداف، لتحركنا عدة الخطوات للأمام، وأهمها الدفاع والتحرك طبقا للميثاق لحساسية الظروف، التعامل بجدية لما يمثل تهديدا للأمن والسلم، دعم حقوق الإنسان، التعامل من منطلق االشمولية والشفافية، والأهم التوقف عن استعمال الفيتو إلا فى حالات ليست عادية.

لكن إلحاق هذه الأهداف بضرورة إبعاد روسيا، قوبل بنوع من الاستهجان من قبل الجانب الروسي، بالتالى تتأكد المخاوف من النوايا أو أية تحركات من شأنها الدفع بالمنظمة الدولية.

وربما جاءت العديد من الإطروحات والمبادرات بضرورة الإصلاح وركزت على مجلس الأمن وحق الفيتو، وكيفية التناول، إلا أن العودة للميثاق وإعادة تفنيده من جديد، تظل الأكثر فعالية ضمن إطروحات عدة، العودة للأساس ومن ثم إعادة الهيكلة على مستويات كافة وأهمها القانونية والدبلوماسية، إعادة تفعيل النصوص وجعلها ملزمة، إلحاقها بديباجات أخرى من شأنها إخضاع الكبار لصالح المنظمة الأقوى والأقدر، بحث أطر ومصادر تمويل جديدة، إطلاق الدعوات للجهات القانونية والدبلوماسية المختصة من أجل إعداد مشروعات جديدة وصياغات، من شأنها الدفع بالمنظمة المنهكة وجعلها أكثر تأثيرا، وذلك فقط حينما تتوفر الإرادة الدولية مجتمعة، وبمعاونة النخبة من خبراء القانون والسياسة، ولعل إتجاه المطالبات ناحية استبدال حق الفيتو بتصويت الجمعية العمومية من أجل تمرير القرارات يعد الأفضل والأكثر عدالة، لكن أيضا لحين العودة الحتمية للميثاق، فمعظم الدعوات والتى تستند إلى إصلاح مجلس الأمن، لا تملك أى مرجعية قانونية أو حتى سند شرعى، وربما ستزيد الأمور اشتعالا أكثر من البحث عن حلول.

غير أن إصلاحات الميثاق، يتحتم وأن تجرى فى إطار المادة 109 وبموجبها: “يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء “الأمم المتحدة” لإعادة النظر في هذا الميثاق في الزمان والمكان اللذين تحددهما الجمعية العامة بأغلبية ثلثي أعضائها وبموافقة تسعة ما من أعضاء مجلس الأمن, ويكون لكل عضو في “الأمم المتحدة” صوت واحد في المؤتمر.

كل تغيير في هذا الميثاق أوصى به المؤتمر بأغلبية ثلثي أعضائه يسري إذا صدق عليه ثلثا أعضاء “الأمم المتحدة” ومن بينهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وفقا لأوضاعهم الدستورية.

إذا لم يعقد هذا المؤتمر قبل الدورة العادية العاشرة للجمعية العامة، بعد العمل بهذا الميثاق، وجب أن يدرج بجدول أعمال ذلك الدور العاشر اقتراح بالدعوة إلى عقده، وهذا المؤتمر يعقد إذا قررت ذلك أغلبية أعضاء الجمعية العامة وسبعة ما من أعضاء مجلس الأمن”.

اقرأ ايضا للكاتب

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع»..نيران الكنائس وأزمات التقييم

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع».. تحولات سياسية فى المشهد العربى

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع»رؤية تحليلية لوثيقة سياسة ملكية الدولة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى