الموقعتحقيقات وتقارير

اقتصاديون يتحدثون لـ«الموقع»: مصر يمكن أن تكرر ما فعلته سابقا وتطالب بإسقاط أجزاء من الديون

مبارك سبق وطالب بإسقاط بعضا من الديون وتمت الموافقة

«وزير أسبق»: يمكن التقدم بطلب إسقاط الديون عن مصر بحجج مختلفة

“عبد الخالق” قدمنا مساعدات دولية أكثر مما أُسقط.. والفرصة مازالت متاحة

الديون عامل ضغط قوي على الموازنة العامة. وتخطينا الحدود الآمنة بمراحل

خدمة الدين وصلت إلى 100% من إجمالي الناتج المحلي

على الديانة الموافقة حفاظا على المصالح المشتركة ومعاونة لمصر في أزمتها

التدقيق في بنود إنفاق الموازنة العامة للدولة.. ربما يسقط 25% منها بدون فائدة

«عبده»: يمكن التفاوض مع الدول الدائنة لإسقاط جزء من المديونيات

«الفقي»: انضمام مصر للتحالف الدولي في 1990 أسقط 14 مليار دولار مديونيات

 

تقرير- ندى أيوب

تمثل الديون عبئا كبيرا على الدولة المصرية، لا سيما مع الظروف الاقتصادية العالمية التي تؤثر على أغلب دول العالم حتى الغنية منها وذات الموارد الكثيرة، فما الظن بالدول الفقيرة أو محدودة الموارد…

وفي خطاب شهير للرئيس الراحل محمد حسني مبارك، تحدث فيه عن تحركات سياسية وعلاقات دبلوماسية أدت إلى الموافقة على إسقاط جزءا من الديون المصرية، وجدولة أجزاء أخرى، وتم ذلك بموافقة الدول الدائنة وكان منها، دول أوربية وأخرى عربية…

فهل يمكن لمصر التحرك على هذا الخط الذي سبق وسارت فيه من قبل، أم أن الظروف تغيرت وما كان متاحا في الماضي أصبح مستحيلا في الحاضر؟

• حجج مختلفة

الدكتور جودة عبد الخالق، المفكر الاقتصادي ووزير التضامن الأسبق، قال إن مصر متاح لها طلب إسقاط جزء من الديون كما حدث في عهد مبارك على خلفية تفاقم الديون الخارجية حاليًا ولكن بحجج مختلفة.

أضاف جودة عبد الخالق لموقع «الموقع»، أن مصر قدمت مساعدات هامة جدًا للقوات الدولية برئاسة أمريكا في عهد مبارك وتحديدا عام 1990 لإخراج العراق من الكويت، وهو من الناحية الاستراتيجية يعادل ربع ديون مصر وإنما أكبر من ذلك بكثير لأنه لولا المشاركة المصرية لاستحال تنفيذ العمل العسكري لإخراج العراق من الكويت سواء من الناحية السياسية أو العسكرية.

• إسقاط وهيكلة

وأوضح عبد الخالق، أنه على غرار هذا تم إسقاط الديون العسكرية على مصر وديون دول الخليج في ذلك الحين، أما الآن نحن نتكلم عن ظرف مختلف، حيث أن مصر لم تقدم مثل هذه المساعدة التي تمكنها من طلب التفاوض لإسقاط جزء من الديون وإعادة جدولة باقي الديون ولكن مصر تواجه ظرف اقتصادي شديد الصعوبة على خلفية الأحداث في الخارج التي ترتب عليها إرباك المشهد الاقتصادي بقوة.

• متحصلات الدولار

وأشار عبد الخالق، إلى أن متحصلات مصر الدولارية تأثرت بشدة، سواء من السياحة أو عوائد قناة السويس من البداية أو عوائد تصدير بعض السلع نتيجة لارتباك الطرق البحرية اللازمة.

وفي نفس الوقت زادت قيمة ما تستورده مصر من الخارج وخاصة من الغذاء والطاقة وغيرها وبالتالي واجه الاقتصاد صدمة خارجية شديدة ترتب عليها ضغط كبير على قيمة العملة وتعطل الكثير من الصناعات.

• فاتورة خدمة الدين

ونوه وزير التضامن الأسبق، على أن الأحداث المذكورة، ضغطت على الموازنة العامة للدولة وعلى الميزان التجاري لذلك لجأت مصر إلى الدائنين وطلب الجلوس معهم للتفاوض حول عملية إعادة هيكلة على الرغم من أنها عملية مكلفة بطبيعة الحال لأنها تعني في النهاية زيادة فاتورة خدمة الدين لكن في المقابل عملية هيكلة كان ينبغي أن تكون في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وقت الاتفاق على القرض فهو الوقت الأنسب.

نرشح لك: ماذا يعود على الاقتصاد المصري من زيارة «الرئيس» إلى الهند؟.. اقتصادي يوضح لـ«الموقع»

• الحدود الآمنة

وحول الخروج من نفق الديون، قال عبد الخالق، إن الديون في مصر شقين، الأول خارجي أي مقومة بعملة أجنبية، والثاني محلي، مجموع الدينين يشكل ضغطا كبيرا على الموازنة العامة للدولة وتشكل خدمة الديون ما يعادل إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة وتجاوزنا الحدود الآمنة بمراحل.

• المجال متاحًا

وأكد الوزير الأسبق، على أنه ما زال المجال متاحًا لأن تتقدم مصر إلى الدائنين بطلب إسقاط جزء من الديون وإعادة جدولة الباقي من هذه الديون وذلك في مقابل الحفاظ على المصالح المشتركة ومعاونة لمصر في الخروج من هذه الأزمة في حدود المساحات المشتركة بين مصر كمدين وبين باقي الأطراف كدائنين.

• سياسات خاطئة

وأوضح عبد الخالق، أن الأمر الثاني المتطلب حاليًا، توضيح أن الوضع متأزم في مجال الديون والناتج عن بعض السياسات الاقتصادية الخاطئة المطبقة ولكن يمكن القول أنه بدرجة أكبر يرجع إلى تفاقم حالة الاقتصاد العالمي على خلفية الحرب في أوكرانيا وقبلها فيروس كورونا.

• نظرة إلى ميسرة

وشدد على ضرورة الإعداد الجيد لملف يشمل جميع التفاصيل والإجراءات التي تنفذها الحكومة المصرية للخروج من عنق الزجاجة هذه، وتطلب في المقابل من الدائنين «نظرة إلى ميسرة» أو إعادة جدولة الديون، ويتوقف الأمر على ما إذا ما كان الدائنين سوف يتجاوبون مع هذا الطلب أم لا ولكن نعتقد أنها خطوة تستحق المحاولة، لكن في المقابل لابد من البدء من الآن في اتخاذ إجراءات وتدابير تقلل من الإنفاق غير الضروري في الموازنة العامة للدولة وزيادة الإيرادات بطرق حقيقية وتحقيق فائض في الموازنة العامة للدولة.

• التحرك على جبهتين

وأكد على أن هذا الفائض هو الطريق الوحيد لتقليل الديون، من خلال سداد خدمة الدين من فوائد وأقساط، وحتى يتم هذا، على الحكومة أن تتحرك على جبهتين، أولا الجبهة المالية وضبط المالية العامة للدولة والتدقيق في الإنفاق وبنود الموازنة العامة للدولة والتخلي عن الإنفاق غير الضروري وتأجيل المشروعات غير الضرورية وما يسمى بالمشروعات القومية ومشروعات الاستثمار، من النظرة العامة للأوضاع يمكن تقليل ما لا يقل عن 25% من إنفاق الموازنة العامة للدولة.

• أسراب الجراد

والثانية، هي السياسة النقدية ولابد فيها من التخلي عن بعض السياسات الخاطئة المطبقة من أهمها السماح بحرية دخول الأموال الساخنة وخروجها ولا تدفع مليما من الضرائب، لأنه ليس هناك مبررا لمثل هذه السياسة على الإطلاق، ولأن الاقتصاد المصري والشعب المصري لا يحقق أي مكسب من حركة رؤوس الأموال الطليقة الساخنة التي نشبها بأسراب الجراد، وليس لها جدوى اقتصادية أو سياسية، وجودها يشكل عنصر ضاغط على العملة سواء عند الدخول أو الخروج.

• استنزاف الاحتياطي

ولفت، أن ذلك ظهر جليًا عند خروجها بشكل مفاجيء مثل ما حدث الفترة الماضية وخرج أكثر من 25 مليار دولار في أقل من شهر واحد وهو ما استنزف الاحتياطي الدولاري وضغط على قيمة الجنيه وهوى به إلى الدرك الأسفل، فضلا عن أنها ليست للاستثمار المباشر في المشروعات الاستثمارية أو افتتاح مصانع أو غيرها تصب في قوة الاقتصاد المصري في نهاية الأمر.

• إجراءات فعالة

وتابع جودة: “آن الأوان أن نتخذ إجراءات فعالة لزيادة الإدخار المحلي، وتنظر إليه وتهتم به بقدر ما تنظر وتهتم بجذب الاستثمار الأجنبي، لأن الإدخار المحلي مصدر مهم من مصادر التمويل بل أهم من الإدخار الأجنبي الذي تتمثل قيمته في كونه تمويلا للإنفاق بالعملة الصعبة لا أكثر.

• تعبئة الإدخار المحلي

وأشار إلى أنها من الضروري أن لا تكون بديلا عن الإدخار المحلي الذي لابد أن يرتفع من كونه أقل من 10% مقارنة بمعدل ادخار بنحو 25% للدول التي تشبه مصر في الأوضاع الاقتصادية، لذلك الاتجاه تعبئة الادخارات المحلي يحقق فوائد هائلة، جانبا إلى ادخارات الاخرين ولكن بفوائد محسوبة.

• رفض مبارك

قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن مصر في عهد مبارك أسقطت جزء من الديون الخارجة من خلال اجتماعها في نادي باريس، وعن طريق توقيع صفقة انضمام مصر للتحالف الدولي لإخراج العراق من الكويت، فتمت توقيع هذه الصفقة بكون مصر صف أول في الحرب، من باب الضغط على مبارك بعد رفضه الإنضمام في البداية، لذلك كان الاتفاق بإسقاط جزء من المديونية الأمريكية والخليجية.

• نادي باريس

وأضاف رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، لموقع الموقع، أن فكرة نادي باريس هو اجتماع الديانة مع المدين، لإسقاط جزء من الديون، وسبقتنا بولاندا وتم إسقاط 50% من مديونياتها بشكل فجائي، وبالنسبة لمصر تم إسقاط مديونياتها على مراحل، فهذه كانت ظروف معينة وسياسية بحتة.

• إسقاط أو مشاركة

وأوضح رشاد عبده، أن الظروف حاليا غير مهيئة لمثل هذه الإجراءات، إلا إذا قامت وزارة التعاون الدولي بالتفاوض مع الديانة، ولكن أيضا في حدود معينة لأن الديون المصرية متنوعة بين قروض من دول وقروض من صنادية، قروض الصناديق لا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنها، أما قروض الدول يمكن بالعلاقات الودية والدبلوماسية والمباحثات إسقاط جزء من هذه المديونيات وجزء آخر يتحول للمشاركة في مشروعات التنمية والاستثمار.

• مديونيات إيطاليا

وأكد عبده، على أن الكثير من دول العالم طبقت هذه الإجراءات في التعامل مع مديونياتها، و فعلتها مصر مسبقا في عهد مبارك أيضا وأسقطت جزء من مديونيات إيطاليا وتحويل جزء من القروض إلى التنمية والإستثمار والشراكة في مشروعات متنوعة، لذلك فالأمر متاح لوزارة التعاون الدولي إجراء اتفاقيات ثنائية بين الدول المدينة فقط.

• مساعدات التحالف

وعلى صعيد آخر، يقول الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ومستشار رئيس صندوق النقد الدولي السابق، إن مصر لا يمكنها تقديم طلب للديانة بإسقاط جزء من الديون، مثل ما حدث في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهذا لأن مصر سابقًا قدمت مساعدات للتحالف الدولي لإخراج صدام حسين من غزو الكويت.

• 14 مليار دولار

وأضاف الفقي لموقع «الموقع» أن مشاركة مصر في التحالف الدولي أسقط عنها مديونيات بقيمة 14 مليار دولار تقريبا من إجمالي مديونيات خارجية 52 مليار دولار وكانت في غاية الصعوبة، أسقطت أمريكا في ذلك الوقت ما يقرب من 7 مليارات ودلارات ومثلها دول الخليج.

• الناتج المحلي أهم

وأوضح الفقي أن المديونيات الخارجية لمصر لم تشكل ضغطًا على الإطلاق، لأن مصر دائما ما تسدد إلتزاماتها الخارجية في الوقت المحدد، فضلا عن أن الدين ما زال في الحدود الآمنة، والمتعارف عليه أن الحدود الآمنة نسبتها إلى الناتج المحلي حوالي 35% بالنسبة لمصر، أما في المطلق فالحدود الآمنة للدين بشكل عام تتراوح ما بين 30 إلى 50%، والأهم هو نمو الناتج المحلي بشكل أكبر من معدل الديون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى