أراء ومقالاتالموقع

خالد كامل يكتب لـ«الموقع» نشر الفيديو الفاضح فوق الكوبري في الميزان بين الإنكار والتأييد !!

ما أجمل الستر، فإنه طاعةٌ وقُربان ودِين وإحسان، به تَحفَظُ الأُمَّة ترابُطَها وصلتها وبُنيانها المرصوص، وتقومُ عليه الأخلاق، ويبقى لها كيانها ومقامها ومكانتها بين الأمم، ولكن لا ينسينا التجمل بالستر توقيع العقوبات للردع وحفظ المجتمع، ولذلك فإن الستر نوعان:

أولا : الستر على من ثبت صلاحه بين الناس، وزل أمامهم بمعصية أو خطأ غير معتاد منه ولا مألوف لدى العامة والخاصة، فذلك لا يستوجب كشف الستر عنه، بل وجب على الناس ستره لا فضحه، لعدم تعمده انتهاك الحرمات ولا استسهاله ذلك أو التهوين من شأن المعصية، وذلك مما يجب على المسلم من ستر أخيه المسلم، فمن ستر مسلما في الدنيا ستره الله يوم القيامة، ومن الستر تغطية المسلم لعيوب أخيه، بمعنى ألا يظهر قبيحة للناس، ومن الستر أيضا ألا تنعت المرأة امرأة أخرى لزوجها؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم-: « يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته».

وفي مثله جاء حديث عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حيث قال:
(أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم)، خرَّجه أبو داود، والنسائي مِن حديث عائشة رضي الله عنها..

والثاني: من كان مشتهرًا بالمعاصي، معلنًا بها ولا يُبالي بما ارتكبَ منها، ولا بما قيل له في النهي عنها، فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ، وليس له غيبة، إذ أجاز الشرع الشريف فضحه وأمثاله ، لأنه بمثابة الفاسق المجاهر بالمعصية المحرض غيره على فعلها ونشر الفاحشة في المجتمع المسلم، ولا غيبة في فاسق، لإظهار فسقه وفجوره، بل إن هجره ومخاصمته وعدم مجالسته باتت من الواجبات على المجتمع والمحيطين به، إلا ما كان من قبيل دعوته إلى الحق والتوبة والإقلاع عن الذنب والعودة إلى جادة الصواب، وهذا مما أورده أيضاً الإمام الحسنُ البصريُّ، وغيره، حيث قال (ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره؛ لِتُقامَ عليه الحدودُ، صرَّح بذلك بعضُ أصحابنا)، واستدلَّ بقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم آمرا: (واغدُ يا أُنيس على امرأةِ هذا، فإنِ اعترفت فارجُمها)، ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ، ولو لم يبلغِ السُّلطان، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه، ويرتدعَ به أمثالُه..
وقد فصل في ذلك الإمام مالك فقال لإيضاح العمل مع النوعين:
(من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس، وإنَّما ٦ كانت منه زلَّةٌ، فلا بأس أنْ يُشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ، فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ ).. وقد حكاه عنه ابن المنذر، وغيره.

فنعلم مما سبق أنه يستحب الستر على من لم يعرف بالفساد، وليس في الستر عليه تعطيل لحدود الله، فإن الشارع الذي أقام الحدود على أهل المعاصي هو نفسه الذي رغب في الستر عليهم بالضوابط السابقة.

ولا بأس شرعاً بكشف المجاهر، ونشر فضيحته وتبيان خطرها على المجتمع المسلم بل والشهادة عليه عند الحاكم..
ومما سبق من أدلة تختص بإسدال الستر ورفعه بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة للأمة والمجتمع، فإن المنكرين تصوير صاحب وصاحبة الفيديو المعروف ب( الفيديو الفاضح فوق الكوبري)، ونشره بدعوى الستر أولى، أقول لهم إن ذلك كان أولى لو لم يكن في العلن هكذا دون تورعهم عن فعله أمام المارة، ولكن شهوتهم غلبتهم وتمكن الشيطان منهم ولم يستتروا من الناس، أي لم يطلبوا هم الستر بالتواري عنهم، بل تعمدوا وهم يعلمون أنه ربما يتم تصويرهم، وناشر الفيديو بعد هذه المدة له مآرب شيطانية أخرى، وإلا لكان تدخل لمنعهما بدلاً من مشاهدتهما وتصويرها بتلك الدقة وهذا القرب منهما، وربما كان يبتزهما حتى رفضا، فنشر الفيديو…

ولكن في المطلق أرد على المستنكرين وإن منهم لفريقا يرجو الله واليوم الآخر ونشر الفضيلة لا الرذيلة مثل أستاذي الكريم الكاتب الصحفي ماهر مقلد مدير تحرير الأهرام، الذي نشر مقالا في أهرام الثلاثاء اليوم عن استنكار نشر الفيديو بدافع أن الستر أولى، وأقول له أيضاً ليس كل المستنكرين يرجون النفع مثلك، بل بعضهم يستنكر حتى تستمر الفواحش التي يحبها ويسعى لنشرها، وأؤكد أنه لا مانع شرعاً من نشر الفيديو، ليس بهدف التشهير بهما وإنما بهدف توقيع العقوبة الشديدة عليهما الرادعة لهما ولغيرهما ممن يفكر في تكرارها أو التحريض على مثلها، رجاء أن يحفظ المجتمع آدابه وأخلاقياته الإسلامية الشرقية، وهذا الشاب الذي ارتكب مثل هذا الفجور مع تلك الفتاة، قطعاً قد سترهما الله تعالى قبل ذلك كثيراً، لأن الله تعالى لا يتربص بعبيده ليفضحهم، ومن ذلك قول الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما رفع إليه أمر سارق، فقال: هذه ليست أول سرقة له، فإن الله تعالى لا يرفع ستره عن عبده من أول مرة)..
وطبعا قرار النيابة العامة بتكفيلهما بمبلغ ألف جنيه لكل منهما، ليس قراراً صائبا، بل يدعو للدهشة والاستنكار..

كما أطالب مجلس النواب المصري بضرورة سن قوانين جديدة تمكن النيابة العامة من الردع المانع للجرائم وكذلك قوانين تعمد من خلالها إلى تعديل سن الطفولة من سن الثامنة عشرة للنزول به إلى سن الخامسة عشرة، مع الإبقاء على منع الزواج قبل سن الثامنة عشرة للولد والبنت على السواء، وإصدار قانون ملزم بتحديد المهور والشبكة واحتياجات البيت المصري الضرورية من تجهيز للمعيشة وحد لقائمة المنقولات مع ما يتوافق ودخل الزوج دون مبالغة توحي بمتاجرة والدي العروس بابنتهما، وإلا فإن انفجارا فاحشيا سينتشر ونكون مثل العالم الغربي المنحل أخلاقياً المجهول نسبه ونسب أولاده وبناته وإلى أي أب وأم ينسب المولود، وما الفيديو الفاضح لهذا الشاب وتلك الفتاة إلا غيض من فيض وسكون يسبق العاصفة..

كما أرجو من النيابة العامة الردع لا التساهل، لأن النيابة العامة ينبغي ألا تهيب بالمجتمع شيئاً يفعله، بل تفرض عليه ذلك فرضا وتحمله عليه حملا، فهي صاحبة السلطة والقرار وليست مدرسة للتربية أو النصح، وإنما النصح مقبول منها ولكن بعد الردع المنتظر لا التساهل..

سترنا الله تعالى وإياكم في الدنيا والآخرة..

اقرأ ايضا للكاتب

خالد كامل يكتب لـ«الموقع» عمرو أديب يدعو للعري ضد الحشمة والعفاف.. بعيداً عن الرسالة الإعلامية

خالد كامل يكتب لـ«الموقع»: لا لعلاج «شيرين» من المخدرات على نفقة الدولة من مال الشعب الفقير

خالد كامل يكتب لـ«الموقع»:مقارنة بين مصر وتركيا..الوعي ضد دعوات الإخوان الإرهابية هو الحل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى