أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» المواطن على “مائدة المنتدى”!

بمجرد ما يروج الإعلام لمنتدى الشباب الدولي ويُسخِّر أدواته لتلميع الديكور المبهر و”الفاترينة السياسية”، يضع المواطن يده على رأسه ويضرب أخماسا في أسداس عن الفوائد التي يجنيها من الحدث الضخم وأشهى الثمار التي يحلم بقطفها ولا يعلم متى يكون الحصاد المبين . ومن المؤكد أنه شعر بالارتياح والنشوة المؤقتة عندما قرأ عن تأجيل عقد المؤتمر هذا العام لأجل غير مسمى، بل وتخصيص عوائده من أموال كبار الرعاة من المؤسسات ورجال الأعمال لصالح المبادرات الوطنية وتنفيذ المشروعات التي تستهدف رجل الشارع!.
أخيرا يجد “معالي المواطن” نفسه ضيفا على شرف موائد المنتدى ليتناول في لهفة وشغف الأطعمة اللذيذة والمشروبات الفاخرة، بعد أن كان متفرجا ملتفا حول شاشة التلفاز المنزلي وعلى مقاهي الميادين يشاهد التابلوهات المرسومة المصروف عليها بسخاء . وكانت القيادة السياسية على درجة من الذكاء، فحاولت أن تمتص سخط المصريين لما يواجهونه يوميا من ارتفاع الأسعار أمام ضآلة الرواتب والحوافز وضعف الدخل، وأرادت بهذا القرار الحكيم أن تُوجِّه ملايين المنتدى نحو مسار آخر يستفيد منه الشعب ويصب في مجرى مصالحهم وطموحاتهم ومطالبهم المقتصرة على رغيف العيش والحياة الكريمة بلا رفاهية أو ترف أو كماليات ينعم بها “نخبة المجتمع” فحسب!.
حتى لحظة إعلان القرار، يظهر النصف الملأ من الكوب الذي يبعث على التفاؤل والأمل، بعد أن هبط المنتدى من برجه العاجي إلى أكواخ البسطاء والمحرومين . وبدأت رئة المواطن تستنشق عبير الأرقام الفلكية في صورة مشروعات ومبادرات تنموية مطلوبة ومُلحة، ولا نريد أن نُفاجأ بالنصف الفارغ يتصدر المشهد، وتصدمنا حالة غياب الشفافية والرقابة الصارمة لعملية إنفاق مخصصات المنتدى . ويتعين على الحكومة أن ترسم استراتيجية واضحة وتضع بنودا وأولويات عند صرف الصكوك الباهظة . فالنصيب الأكبر من الأموال ينبغي أن يتجه إلى “حزمة” أساسيات التعليم ومنظومة التأمين الصحي الشامل وأفكار تطوير الرقعة الزراعية والإنتاج الصناعي فضلا عن الالتفات إلى دخل الفرد وتوفير فرص العمل على نحو أكثر اتساعا لتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية . وعندئذ يتذوق المصري البسيط حلاوة الانتصار لمشاكله وأزماته، ويتيقن من أن النظام السياسي بأكمله يحترم آدميته وحقوقه ويُقدِّر آلامه ومتاعبه!.
– شكرا لتأجيل المنتدى ترشيدا للنفقات وحرصا على مشاعر البائسين في وقت الحروب والصراعات والمراحل الحرجة . وانتهى الجزء الأول من القصة، وموعدنا في الأيام المقبلة مع فصل الذروة والإثارة عندما نختبر قوة ومهارة الحكومة في تنفيذ المهمة الأصعب بحُسن الإدارة والإنفاق على ما يستحق، وعلى ما يريده الشعب وليس على ما تريده الحاشية وتزين به قصورها ومنتجعاتها و”حساباتها الخاصة”!!.

اقرأ ايضا للكاتب

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» محكمة النيل العليا!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» جيل البصمة الإلكترونية!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» قتل الطموح .. بـ «جرة قلم»!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى