أراء ومقالاتالموقع

‏نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» القنابل الموقوتة

في العلاقات الإنسانية ثمة قنابل موقوتة كما أسماها بعض المختصّين في علم النفس وعلم الاجتماع، أعني ذلك النوع من العلاقات الذي تكون فيه التضحية كبيرة الى حدّ أنّنا لا نكاد نحيط بحجمها وهولها..‏المواقف التي يتمّ ردمها من دون محاولةٍ للوصول إلى أعماقها وبأفضل طريقة..

التجاوزات تلو التجاوزات التي تتراكم داخل النفس البشرية..المشاكل التي نُغضي الطرف عنها من دون مواجهتها وحلّها..التفاصيل التي نهملها على الرغم من أهمّيتها وأثرها في المدى البعيد..كلّ ما سبق يحيلنا الى مثل كان القدماء يتناولونه بكثرة حين يتحدّثون عن القشّة التي قصمت ظهر البعير..وكلّ هذا يُنشئ نوعًا من القنابل الموقوتة التي لا نَعرف متى ستنفجر!!

هل الكتمان هو السبب؟ أم أنها التراكمات؟ أم الضغوط أم التضحية التي تحرم الذات من وجودها إلى أن تستفيق وتنتصر لكينونتها وتعيد إثبات نفسها؟؟

أحيانًا تجدُ صداقةً يكون فيها أحد طرفيها طويل البال وكريم الطباع غير أن الآخر يكون مسرفًا في التجاوزات حتى يحوّل صديقه من دون إدراكٍ أو دراية منهما إلى قنبلةٍ موقوتة تكاد تنفجر في أي وقت وأيّ لحظة!

أو قد تجد أيضًا زوجًا أو زوجة أو أخًا أو مديرًا أو أي فردٍ من أفراد المجتمع في هذه الحياة، يسرف في تقدير ذاته وفي التجاوزات وفي الطباع غير السوية حتى يحوّل شريكه إلى لغمٍ دفين!!

‏والسؤال الأهم هنا.. هل الذنب كلّه في الطرف الآخر الذي جرّنا الى الانفعال والانفجار في لحظة ما غير متوقّعة؟ أم أننا نحمل جزءًا من المسؤولية في التفريط مع الذات والسماح للآخر بإلغائنا والدّوس على مشاعرنا وأحاسيسنا ووجودنا وكياننا؟!!
‏من المتضرر الأول؟ ولمَ السكوت من البداية على علاقة أو أفعال أو تصرّفات من المعروف أنها تؤدّي الى دهاليز لا نهاية لها، والى أبوابٍ مغلّقة بجنازير من حديد ستُهلكُ كاهل من يحاول فتحها..!

‏لذا.. فإنّ الأولى أن نحرص على ذواتنا وأن نضع حدودًا للآخر منعًا لتجاوز كينونتنا التي هي أساس انطلاقتنا في أي مشروع في الحياة وفي أي علاقة!

وفي الوقت نفسه! أحبّ أن أسأل كل من يقرأ هذه الكلمات:هل فكرت يومًا كم أسرفت في تصرفاتك مع الآخرين؟هل حولت أحدًا ما يومًا إلى قنبلةٍ موقوتة؟

هل تُراجع يوميًا تصرفاتك وتطّلع على صحيفة أعمالك وتدوّن فيها كل من تجاوزت في تعاملك معه؟؟!

إذا ما كان الجواب “نعم” فعليك إذن أن تباشر في محاسبة نفسك ومعالجتها وتغييرها..
وإذا ما كان الجواب “لا” فعليك بمراجعتها والاختلاء بالذات كي لا تكون جانيًا على غيرك من حيث لا تدري!!
ارحموا من في الأرض.. يرحمكم من في السماء.

اقرأ ايضا للكاتب…

‏نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» العلاقات السّامّة

‏نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» ماضيًا وحاضرًا

‏نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» عن هوس الشهرة وسقوط الأخلاق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى